اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 504
ولا تضطرب من استهزاء الكفرة وسخريتهم وكيف لا تصطبر ولا تصبر هَلْ تَعْلَمُ وتسمع لَهُ سَمِيًّا باسم الإله مسمى به مثلا له مستحقا للعبودية والتوجه لإنجاح المطلوب سواه سبحانه حتى ترجع أنت نحوه عند توجه الخطوب وإلمام الملمات عليك وبالجملة ما عليك الا العبادة والاصطبار وترك الاضطراب والاستعجال وتفويض عموم الأمور الى الكبير المتعال
وَمن غاية الجهل ونهاية الغفلة عن ربوبيته سبحانه يَقُولُ الْإِنْسانُ المجبول على الكفران والنسيان بنعم الله وبإنكار قدرته على اعادة المعدوم وحشر الأموات أَإِذا ما مِتُّ وقد صرت عظاما ورفاتا لَسَوْفَ أُخْرَجُ من الأرض حَيًّا سويا معادا كلا وحاشا ما هذا الا محال باطل وضلال ظاهر
أَينكر المنكر على قدرتنا ويصر على الإنكار وَلا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ المكابر المعاند أَنَّا قد خَلَقْناهُ واوجدناه إيجادا إبداعيا مِنْ قَبْلُ وَالحال انه لَمْ يَكُ شَيْئاً مما يطلق عليه اسم الشيء إذ هو معدوم صرف وعدم محض والمعدوم ليس بشيء ولا مسبوق بشيء فقدرنا على إيجاده وإظهاره من العدم الصرف ولم لم نقدر على إعادته سيما بعد سبق اجزائه وان كان الإعادة والإبداء عندنا وفي جنب قدرتنا على السواء الا ان الإعادة بالنسبة الى فهمهم أسهل وأيسر من الإبداء والإبداع عن لا شيء
فَوَ رَبِّكَ يا أكمل الرسل الذي هو أعظم أسمائه وأشملها وبعزته وجلاله لَنَحْشُرَنَّهُمْ أولئك الضالين وَالشَّياطِينَ المضلين لهم معهم منخرطين في سلسلتهم ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ مقيدين مغلولين حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا باركين على الركب قائمين على أطراف الأصابع بلا تمكن لهم واطمئنان مثل الجاني الخائف عند الحاكم القاهر القادر على انواع الانتقام
ثُمَّ بعد حشرهم وإحضارهم حول النار كذلك لَنَنْزِعَنَّ ننتخبن ونخرجن مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ فئة وفرقة قد شاعت منهم موجبات العذاب والنكال ونميزن منهم ايضا أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ المفيض لهم انواع الخيرات والبركات عِتِيًّا جرأة على العصيان له وعلى ترك أوامره وارتكاب نواهيه حتى يطرح أولا على قعر النار ثم الا مثل فالأمثل الى ان يطرح الكل فيها على تفاوت طبقاتهم ودرجاتهم في افتراق موجباتها قوة وضعفا
ثُمَّ بعد ما انتزعنا وانتخبنا لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلى وأحق بِها اى بدخول النار صِلِيًّا اى دخولا وطرحا أوليا سابقا على الكل ألا وهم الرؤساء الضالون المضلون إذ يضاعف عذابهم بضلالهم واضلالهم. ثم قال سبحانه مخاطبا لبنى آدم بأجمعهم لا تغتروا بدنياكم وبلذاتها وشهواتها فإنها توقعكم في النار
وَإِنْ مِنْكُمْ ايها المتلذذون بزخرفة الدنيا المائلون الى أمتعتها وما احد من المتمتعين بها إِلَّا وارِدُها اى وارد النار وواقعها قد ذاق كل منكم مقدار ما تلذذ بحطام الدنيا اما المؤمنون المطيعون المتقون الذين يقنعون من الدنيا ومن أمتعتها بسد جوعة ولبس خرقة وكن ضرورة فيمرون عنها ويردون عليها وهي حينئذ خامدة منطفية وانما يردون ويوردون عليها عبرة لهم منها واعتبارا وشكرا لنعمة النجاة عنها واما المؤمنون العاصون التائبون فيذوقون من عذابها مقدار تلذذهم بالمعاصي ثم يخرجون بمقتضى عدله سبحانه واما اصحاب الكبائر من المؤمنين المصرين عليها الخارجين من الدنيا وهم عليها بلا توبة وكذا. عموم الكفرة والمشركين فهم هم الواردون المقصورون على الورود فيها الا ان المؤمنين تلحقهم الشفاعة واما الكفرة فهم الخالدون المخلدون لا نجاة لهم منها أصلا وبالجملة لا تترددوا ايها السامعون ولا تشكوا فيما ذكر من الورود المذكور إذ قد كانَ هذا من جملة الاحكام المحكمة المبرمة الإلهية التي قد وجبت عَلى رَبِّكَ يا أكمل الرسل بإيجابه على نفسه وجوبا حَتْماً مَقْضِيًّا محققا بلا
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 504